الخميس، 2 أبريل 2020

روايه : عــــــودة القـــلب إلـى القــلب... بقلم الشاعر : تيسير إبراهيم

عــــــودة القـــلب إلـى القــلب
.................... ...................

كـان يــوماً ماطــراً...
وأصبحــت أزقــةُ قــريتـي الفقـــيرة بــركٌ مـن وحــلّْ..
ويمــرُّ فـي كــل اتجـــاهٍ يخــطر بالبـال فلاحــون يقتادون مواشـــيهم..
منــهم مـن يجــهد نفســـه باقتيــاد شــاةً أم كبشـــاً..
ومنهــم مـــن يحمــل قــوتَ يــومه وعيالــه ..
وكلهـــم يتشـــبث بقــائمتيــه فـي الأرض مســــتنداً على الجـــدران خـــائفــاً علـــى مايحمـــل..

النهـــار قطـــع انتصـــافه ويـوشــك أن ينقضـــي..
فتحــــتُ نافـــذة غـرفتـي متأملاً جمـــال المنــظر..
شــــارداً في عصـــفور صغـــير قــد تبللَ بمــاء المطـــر واقفـــاً على عريشـــة الجــيران بجانب المزراب المتــدفق مـن ميـــاه الســـطح.. والياســــمينة تهــز أوراقها ريـاح الشـــتاء..

وفـي زهـــوة هـــذا المنظـر الخـــلاب ووجــوهٌ تـراقــب الطـــريق جـــذبت أنظـــاري فتـــاة تبطــئُ فـي سـيرها وتـدخل القــريــة كمتســــولٍ ينــظرُ إلــى جمــيع المنــازل بحثــاً عــن بـاب مفــتوح..

ياإلهـــي ..ماهـــذا الجمـــال ..إنهـــا ليســـت مـن القــرية..
هـــرعتُ حـــافياً غائصـــاً فــي الوحــل.. جــاهـداً فـي الوصــول إليهـــا..
ووصــــلت..

مـــرحبــاً...
هـــي.. أهـــلاً بـِـكّْ...
أنـا...هـل تبحثـــين عــن أحـــد مـا..
هـي .. نعـــــم..
أنا...وهـل أســـتطيع مســــاعدتكِ..
هــي.. ربمــا ولكــن لا أعـــلم إن كنـتَ تســتطيع..
أنـا... أجـل فأنا أبـن هـــذه القـــرية وأعــرف كـل ســكانها..
هــي... تنظـــر كل البيــوت والأزقــة وفــي عيـــنيها دمعـــةٌ لاتـوصـــف...
أنا.. مابــكِ تبكــين.. وكـأن لكِ فـي قـريتـي مايستنزف دمـــوعك..
هـي.. نعـــم.. فأنا أبنـــة هــذه القـــرية.. ولكــن شـاءت الأقـــدار أن أغادرها مع عائلتـــي منـــذ عشـــر ســـنوات إلـى خـارج البــلاد ..واليـــوم عـــدنا وتــركت أهـلي يرتبــون منزلنــا الجــديد فــي المــدينة وأنا أتيــت إلــى هنـــا..

أقشـــعرَّ بــدني وبــدأ جســـدي يرتجـــف وربمــا عيـنايَ ســتمتلئُ بالــدموع...ياإلهــي ..ماالذي حلَّ بي..

هـي.. هــل يمكنك أن تتذكــر معـالم القــرية قبل تلك الأعـــوام ..
أنا.. وكيـف لـي أن لاأتذكـــر أجمــل أيـام حـياتي.. وغصصتُ بالبـكاء..
هـي.. لقــد كـان منـزلنا علــى يمين منــزل المختار تمامـاً وكــان أبـي يعمــل راعـياً لمـواشـي القـرية..

ياإلهـــي ..إنهــا هيَ.. أقســـم إنهـا هيَ.. يكـادُ قلـبي يخــرج مـن صـدري.. قائــلاً..
نعـــم أعـــرفه.. أنــه أبا علـــي...
وقلـتُ فـي نفسـي سـأنتظر قليلاً ..ربمـا أحـبَّتّْ ســواي ولـم أعــد بحســـبانها..
وتماســكتُ نفســـي ..قائلاً..
هـــل تـريدين أن أرافقـكِ إلـى منـزلكم.. فلم يتغير به شئٌ بعد..
هـي.. واضعـــة يديهــا علـى فمهــا وعـيناها تنهـال بالبكـاءً..وقـالت ..لا.. بـل أريـد الذهــاب إلـى أطـراف القـرية أولاً ..فهــل تســتطيع مـرافقتـي..
أنـا .. طبعــاً بكل ســـرور..تفضـلي وســأتبعك حـيثُ تشـــائين..
ومســكتُ يـدها بحجــةِ أن لا تتزحــلق قدماها..
وقـلبي يتبعها بلهفـة وشـــوق..
حيــثُ ســـارت بي إلــى شـجرة الذكــريات ومشـت بهـدوء دامعـةُ العــينين إلـى أن عانقـت جـذع الشــجرة واضعـة شــفتاها مململـة خديها علـى قلـُبٍ قـد رســمناه معـــاً ..قائلــــةً.. ســامحني ياحبـــيبي.. اشـــتقتُ إلــيكَ كثــيراً ولم تفـارق قلبي لحظة واحــدة..
والتفتت أليَّ ببطئ وكأنها تريد أن تتحـدث لي عـن حبيبها..
فـوجدت في عيناي ومـلامحي جـواباً لكل ماتريد

واحتضنتها معتنـقاً كـل الســنين الماضـيات..
قـائـــلاً...

رجعـــتي يازهــرة الديـار. يامـا كـويتي قلبي بنار
غيـابك هـدهد مني الحيل. نهاري ليل وليلي نهــار
ياما بكيت عليكي دمــوع. بنبضات القلب الموجـوع
شـوفي حواليكي الربــوع. كل حجره بتحكي تذكار
لمـَّـا بأيــدي مســــــكتيني. هــلو دمــوعي من عيني
وعأحــــلامي جـبتـــــــني. ورجعتيني سنين كتـــــار
شــو هالصدفـــه ياربــــي. عالشــــــجره بستي قلبي
بكـل دمـــوع المحـــــــبه. قلــتي سـامحني ياجـــار
            قـلتــــي.. ســــامحني ياجـــــار
..................
عـــــودة القــلـوب إلــى القــلوب..
روايــــةٌ بقـــلم ..تيســــــــير إبـراهــيم..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قصيدة بعنوان : أيامك ما أنسيها... بقلم الشاعر : أحمد عبار العلي

 أيامك ما أنسيها دايم افكر  بيها اصفن وانا اطريها كل لحظة انت فيها بغيابك مقدر أنام ..... من غيرك مالي حيلة يا ابو أفعال الاصيلة حبك هو الحص...