بقلمي
كورونا ذاك الزائرُ الحقير... وكأنه أقسم أن يجوب العالم في حكايةٍ تستمر ما شاء الله.. شابٌ على مشارف بيته يستعد للرحيل.. جواز سفرٍ.. وحقيبةٌ تحوي بعض ملابسٍ له.. وزجاجة عطر من أفخم الماركات.. ومعطفه الذي يزهوا به حُسناً.. أنيقٌ حدّ لفت الإنتباه.. كان قد قبل يد أمه ووالده.. ضم اخته التي لا زالت طفلة رغم أنها تجاوزت العقد السادس عشر.. لتُعلن دموعه بالسقوط حُزناً.. فالسفر بعيد.. وقد يطول.. بضعةُ أعوامٍ من العُزلة ممن عاش عمره معهم.. بعيداً عن شوارعٍ طالما أحب السيرُ على أطرافها مع تلك التي نبضت في عُمق قلبه.. بي خلاياه.. في جوف ضلوعه.. الحُزن خيم على أطراف المكان.. إمتلأت السماء قهراً لفراقٍ أولئك الذين أحببنا..
سيارةُ المطار توقفت تنتظر أن يستقلها مُعلناُ قصة وداع سيتخللها أحداثٌ لن يراها.. لكنه سيسمع بها.. ستُفرحه تارةً.. وتُحزنه تارةً أُخرى.. ينطلق السائق بعد أن ألقى خالد نظراته الأخيرة على وجه أمه الصبوح.. على تنهيدات والده واكفه المرفوعة بالدعاء.. على بكاء أخته التي طالما كانت مدللته.. رويداً رويداً وتختفي البلدة عن ناظرية.. ثم يُقبلُ السائق عليه بإبتسامةٍ يجبر خاطر خالد.. ويهون عليه سفره الأول الذي ما كان بالحسبان.. بعثةٌ دراسيةٍ لإنهاء متطلبات الطب في بريطانيا.. دولة العلم والثقافة.. وتمضي الدقائقُ بألمٍ ملحوظ على وجه خالد.. من خلفه يبتعد عن أهله.. ومن أمامه يقتربُ من تلك الطائرة التي تنتظره ليكون أحد ركابها في الدرجة الأولى.. لتوصله إلى بريطانيا العظمى.. حيث معالم الحلم بدأت تتحقق بمجرد إعداد حقيبة السفر.. وإستخراج جواز السفر..
يُحاول السائق التخوين على خالد فالرحلة للمطار تستمر قرابة الساعتين.. يُشغلُ المذياع باحثاً عن أغنيةٍ تحمل معالم الوطن.. وريحةُ الأهل.. المهم تمضي قرابة الساعة والنصف.. إقتربنا من المطار.. يقول السائق لخالد وقد ارتسمت عليه معالم الجد وبعثُ الأمل انه يخطوا ليُشكل أولى خطوات مستقبله.. لم يبق إلا عشرُ دقائق لوصولهم المطار.. فجاةً الأمر يبدوا غير طبيعي.. سيارات الشرطه في حركةٍ مُلفتةٍ للنظر.. حركة تبعث لوقوع أمرٍ جلل.. ثم هناك سيارت من الجيش على جنبات الطريق.. للقادمين من السفر.. ولنا نحن المسافرون.. دورياتٌ على أول إشارةٍ في مدخل المطار وقد أُغلقت كل الطرق والمنافذ المؤدية للمطار.. يوقفنا ضابط برتبة نقيب.. ثم يُلقي السلام علينا.. ويقول أين الوجهه.. موجهاً للسؤال لي.. أقول له مبتسماً بعد رد السلام بريطانيا إن شاء الله.. يضحك بلُطف.. ثم يقول وقد بدت ملامحه بالدهشة.. للأسف أُغلقت المطاراتُ والحدود بين الدول.. كلُ الدول.. للأسف الشديد العالم في حالة فوضى بعد ان أعلن غزواً من دون سلاح.. غزواً خفياً.. غزواً قاتلاً.. خلق كل أنواع الرُعب.. بين عشيةٍ وضُحاها أصبحنا نعيشُ في معزلٍ عن العالم كله.. يُخبرني الضابط أنا والسائقُ وكل من مر هناك.. كورونا قادمٌ بلا رحمة.. إلا أن يتلطف الله بنا..
#خالد_الخطيب
كورونا ذاك الزائرُ الحقير... وكأنه أقسم أن يجوب العالم في حكايةٍ تستمر ما شاء الله.. شابٌ على مشارف بيته يستعد للرحيل.. جواز سفرٍ.. وحقيبةٌ تحوي بعض ملابسٍ له.. وزجاجة عطر من أفخم الماركات.. ومعطفه الذي يزهوا به حُسناً.. أنيقٌ حدّ لفت الإنتباه.. كان قد قبل يد أمه ووالده.. ضم اخته التي لا زالت طفلة رغم أنها تجاوزت العقد السادس عشر.. لتُعلن دموعه بالسقوط حُزناً.. فالسفر بعيد.. وقد يطول.. بضعةُ أعوامٍ من العُزلة ممن عاش عمره معهم.. بعيداً عن شوارعٍ طالما أحب السيرُ على أطرافها مع تلك التي نبضت في عُمق قلبه.. بي خلاياه.. في جوف ضلوعه.. الحُزن خيم على أطراف المكان.. إمتلأت السماء قهراً لفراقٍ أولئك الذين أحببنا..
سيارةُ المطار توقفت تنتظر أن يستقلها مُعلناُ قصة وداع سيتخللها أحداثٌ لن يراها.. لكنه سيسمع بها.. ستُفرحه تارةً.. وتُحزنه تارةً أُخرى.. ينطلق السائق بعد أن ألقى خالد نظراته الأخيرة على وجه أمه الصبوح.. على تنهيدات والده واكفه المرفوعة بالدعاء.. على بكاء أخته التي طالما كانت مدللته.. رويداً رويداً وتختفي البلدة عن ناظرية.. ثم يُقبلُ السائق عليه بإبتسامةٍ يجبر خاطر خالد.. ويهون عليه سفره الأول الذي ما كان بالحسبان.. بعثةٌ دراسيةٍ لإنهاء متطلبات الطب في بريطانيا.. دولة العلم والثقافة.. وتمضي الدقائقُ بألمٍ ملحوظ على وجه خالد.. من خلفه يبتعد عن أهله.. ومن أمامه يقتربُ من تلك الطائرة التي تنتظره ليكون أحد ركابها في الدرجة الأولى.. لتوصله إلى بريطانيا العظمى.. حيث معالم الحلم بدأت تتحقق بمجرد إعداد حقيبة السفر.. وإستخراج جواز السفر..
يُحاول السائق التخوين على خالد فالرحلة للمطار تستمر قرابة الساعتين.. يُشغلُ المذياع باحثاً عن أغنيةٍ تحمل معالم الوطن.. وريحةُ الأهل.. المهم تمضي قرابة الساعة والنصف.. إقتربنا من المطار.. يقول السائق لخالد وقد ارتسمت عليه معالم الجد وبعثُ الأمل انه يخطوا ليُشكل أولى خطوات مستقبله.. لم يبق إلا عشرُ دقائق لوصولهم المطار.. فجاةً الأمر يبدوا غير طبيعي.. سيارات الشرطه في حركةٍ مُلفتةٍ للنظر.. حركة تبعث لوقوع أمرٍ جلل.. ثم هناك سيارت من الجيش على جنبات الطريق.. للقادمين من السفر.. ولنا نحن المسافرون.. دورياتٌ على أول إشارةٍ في مدخل المطار وقد أُغلقت كل الطرق والمنافذ المؤدية للمطار.. يوقفنا ضابط برتبة نقيب.. ثم يُلقي السلام علينا.. ويقول أين الوجهه.. موجهاً للسؤال لي.. أقول له مبتسماً بعد رد السلام بريطانيا إن شاء الله.. يضحك بلُطف.. ثم يقول وقد بدت ملامحه بالدهشة.. للأسف أُغلقت المطاراتُ والحدود بين الدول.. كلُ الدول.. للأسف الشديد العالم في حالة فوضى بعد ان أعلن غزواً من دون سلاح.. غزواً خفياً.. غزواً قاتلاً.. خلق كل أنواع الرُعب.. بين عشيةٍ وضُحاها أصبحنا نعيشُ في معزلٍ عن العالم كله.. يُخبرني الضابط أنا والسائقُ وكل من مر هناك.. كورونا قادمٌ بلا رحمة.. إلا أن يتلطف الله بنا..
#خالد_الخطيب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق